صناعة القدوة في المجتمع السعودي| جمال بنون| مقالات

من طرف **Admin** الثلاثاء مايو 16, 2017 1:22 am

صناعة القدوة في المجتمع السعودي| جمال بنون| مقالات Jamal-Bnoon

< قبل أسابيع تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لأخصائية سعودية تشجع شاباً فقد قدميه، وتعلمه المشي على أقدام صناعية تم تركيبها له، فكانت الصورة مؤثرة

ومحفزة جداً، لأنها كانت تتحرك بعفوية وتركض أمامه، ما دفع الشاب إلى أن يقلدها فرحاً، في خطوة تستهدف رفع معنوياته. وفي مواسم الحج ترى الكثير من المشاهد لرجال

الأمن منهم من يحمل طفلاً عن سيدة، حتى تتمكن من رمي الجمرات، أو مساعدة رجل مسن أرهقه التعب من السير، فيقف أمامه رجل أمن ويضع فوق رأسه مظلة تحميه من

حرارة الشمس، وقبل أيام تداول الناس مقطع فيديو لمعلم في المرحلة الابتدائية يعطي «غترته» لطالب في حفلة تخرج، حتى يلبسها ليخرج أمام الناس في الحفلة بالمظهر اللائق

والجميل مثل بقية زملائه الذين كانوا يرتدون «الغتر».

كل هذه التصرفات التي صدرت من هؤلاء الأشخاص - ومثلهم كثيرون - لم تخرج مصطنعة أو من أجل أن يراها الناس، بل هي تصرفات تلقائية تعود إلى النبل والأخلاق

والشيم ومعدن الإنسان الأصيل. هؤلاء الأشخاص الذين نطلق عليهم « قدوة» لأننا لم نطلب منهم، فالأعمال النبيلة والإنسانية تخرج من تلقاء نفسها وبعضهم من يجعلها من

صفاته، ويتحول هؤلاء وغيرهم إلى قدوة حسنة للمجتمع الذي يعيشون فيه، وتبقى راسخة في أذهان الناس لفترة طويلة، لأن هدفهم ليس الترويج الإعلامي أو «وميض» فلاش

كاميرا، أو من أجل الشهرة، بقدر ما يهمهم أن يظهروا أمام الناس على سجيتهم.

صناعة «القدوة» في المجتمعات تحتاج إلى أن تبرز هؤلاء كنجوم مجتمع، والمواقف هي التي تضع لهم المعيار والقيمة النبيلة.

في المقابل لا يمكن أن تفرض على الناس أشخاصاً وتطلق عليهم «قدوة»، فمثلاً، هل نضع مسؤولاً اعتاد أن يحضر إلى عمله في الصباح متأخراً أو يتغيب كثيراً، ثم نقدمه أمام

الناس شخصية «قدوة» في العمل والانضباط ونبرزه نموذجاً للموظف المثالي؟ حتى الناس لن تقتنع بهذا الأنموذج، وكذلك الحال على سبيل المثال، كيف يتحدث رجل عن

الحياة الزوجية وسعادة الأسرة وهو شخصياً حياته الأسرية مفككة وغير مستقرة، هل يمكن أن نطلق عليه «قدوة».

تجربة جميلة أطلقتها إمارة مكة المكرمة من خلال مبادرة «كيف تكون قدوة»، وهي خطوة رائدة تهدف إلى نشر الوعي الاجتماعي وزرع القيم النبيلة لدى أفراد المجتمع، ومن

بين أحد فعالياتها، التي أبرزت الجانب الإنساني وشهدت تفاعلاً من الشبان والشابات، ملتقى أرامكو السعودية للأعمال التطوعية الثاني، الذي أقيم بعنوان: «تطوعي قدوة»،

شاركت فيه 40 جهة حكومية وجامعات ومجموعات تطوعية ومعرض مصاحب يتحدث عن 20 قصة نجاح ملهمة، هذه الفرق التي لديها أعمال إنسانية ونبيلة تجاه المجتمع،

وهي أعمال أبطالها شباب، تفتح أمام الشباب فرصة التميز والابتكار في صناعة القيم والأخلاق. وقفت على معظم الأعمال المشاركة، منها خدمة لكبار السن وأخرى للأطفال

وإسعادهم، والبعض منها مساعدة المكفوفين. المهم في هذا المعرض الذي نظمته «أرامكو» في مقرها في جدة، أنها أبرزت النماذج المضيئة للمجتمع وقدمت أمام الناس وبخاصة

فئة الشباب «قدوة» يمكن استنساخها. علّقت إمارة مكة المكرمة شعار «كيف تكون قدوة» في كل الأماكن، في المطار، في الشارع، في صالات الملاعب، علقت لوحاتها على

أسطح المنازل والبنايات، وتحتها تقام معظم الفعاليات ثقافية واجتماعية وفنية ورياضية وفي كل مناحي حياة الناس، وهي تسعى بذلك لبناء قاعدة قوية من القيم والأخلاق في

مجالات مختلفة، وبناء جيل يكون نموذجاً رائعاً في زحمة الانفلات الأخلاقي مع الانفتاح الفضائي والمعلوماتي والتقني، وتحويله من جيل يفكر بسلبية إلى جيل يصنع نموذجاً

جميلاً يقلده الآخرون، ويبدو أن لدى الإمارة برنامجاً حافلاً تشارك فيه كل مؤسسات الدولة وبعض الفعاليات والأنشطة التي تنظمها الشركات والمؤسسات، هذه الحماسة جميلة،

وأتمنى أن تتحول مستقبلاً إلى مشروع وطني يشمل كل المدن والمناطق وتتحول إلى برنامج يتم وضع إطار وأهداف ومصنع لقيادات وأفراد للاستفادة منهم.

من خلال متابعتي بعض الأنشطة، وجدت أنها تركز على إبراز «القدوة» التنظيرية التي تعتمد على الإلقاء والنصح والإرشاد، بل ذهبت بعض فعاليتها إلى أنها تهتم برفع الشعار

من دون الاهتمام بالمحتوى والمضمون وإبراز أشخاص ونماذج حقيقية، وعادة المتلقي في مسألة «القدوة» يستمع إلى من لديه تجارب ناجحة، أو أنه صنع نفسه ورسخ في

المجتمع صورة جميلة عن نبله وعمله، ويريد أن ينقلها للآخرين. لا يمكن أن تطلب من شخص سمين وزنه زائداً أن يتحدث أمام الناس عن أهمية التخسيس وتخفيف الوزن، أو

تحضر شاباً له مقاطع فيديو سيئة في مواقع التواصل، وليست له إسهامات، فنقدمه نموذجاً لشباب طموح.

الناس تحب أن تقلد، وبخاصة الشباب، وحينما نقدم شخصيات وهمية على أنهم نماذج مضيئة أو قدوة فالمجتمع قد يشكك في هذه المبادرة، وتتحول إلى تنظير ويفشل المشروع.

هذه المبادرة في ظني أن هدفها نبيل وتحتاج إلى أن تكبر وتتحول من «كيف تكون قدوة» إلى «صنّاع القدوة»، ويتم إبرازهم سنوياً كنماذج حقيقية والانتقال من مرحلة التنظير

إلى مرحلة حصد النتائج، فالمجتمع بحاجة إلى نموذج «قدوة» في المدرس، ورجل المرور، ومراقب النظافة، إلى مسؤول حكومي، نحتاج إلى رب أسرة، إلى أم مكافحة، وفي

جميع مناحي الحياة، ومتى ما استطعنا اكتشاف القدوة وأبطالها سيتحول إلى منهج وقانون اجتماعي، وسيسارع الجميع إلى المنافسة لأن يصبح نجماً، وحتى نصنع «قدوة»

حقيقية وتنتقل إلى مرحلة أخرى وهي المثالية والمميزون، ليس فقط قدوة، بل أشخاص مختلفون، وهذه مرحلة متقدمة ومتطورة في بناء الإنسان أن يكون نموذجياً في أعماله.

صناعة القدوة في المجتمع السعودي، ربما يكون هو إحياء بعض السلوكيات التي كانت موجودة في السابق إلا أنها اندثرت وتراجعت خلال العقود الأخيرة لأسباب عدة، لعل من

أهمها أن الحياة الاجتماعية لدى السعوديين تغيرت نتيجة ضغوطات الحياة، وبرز أبطال جدد وهم اللصوص والفاسدون وأصحاب المصالح الشخصية والمتنفذون، وغيرها،

ساعدت في تراجع القيم النبيلة وصعود الفاشلين، وبالتالي لم يعد يرى المجتمع صورة جميلة لـ«القدوة» وكانت هذه كارثة كبيرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صناعة القدوة في المجتمع السعودي| جمال بنون| مقالات Almstba.co_1371578227_178

صناعة القدوة في المجتمع السعودي| جمال بنون| مقالات Almstba.co_1371578227_178

للوصول الي منفذ الدردشة وتصفح جميع اقسام الموقع يرجا الضغط هنــــــا او زيارة موقعنا الجديد بالبحث في جوجل عن دردشة ساحر او الدخول المباشر من خلال الرابط التالي: http://sa7er.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولظهور جميع روابط التحميل المباشره والاستمتاع بمزيا اخري يرجا التسجيل بالمنتدي اولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
flower